هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
دخولأحدث الصورالتسجيلالرئيسية

 

 تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:31 pm

تشيكوف ولوحات الحياة


"موت موظف", "الحرباء", "الجرادة", "الرجل الذي عاش في قوقعة", "الجناح رقم 6", "السيدة صاحبة الكلب", "المنزل ذو الغرفة العلوية", هذه بعض أسماء القصص التي خطها أنطون تشيكوف في الفترة ما بين 1860 و1904م وهي فترة حياته القصيرة التي عاشها ما بين سعادة وشقاء ومعاناة مع مرض السل والتي لا تتعدى الأربعة وأربعين عاماً.
اسمه "أنطون بافلوفتش تشيكوف", ولد في أسرة متواضعة والتحق بكلية الطب في موسكو عام 1884م ومنذ ذلك الحين بدأ بنشر بعض قصصه في المجلات واستمر بالكتابة حتى توفي في بطرسبرج, كتب القصة والمسرحية ويعد من رواد القصة القصيرة في العالم وقد كتب أكثر من ألف قصة قصيرة واثنتي عشرة المسرحيات منها "العم فانيا", "بستان الكرز", "طائر النورس", "الشقيقات الثلاث", "عرض الزواج" وغيرها, وقد ترجمت قصصه ومسرحياته إلى معظم لغات العالم.
عاش تشيكوف في فترة أواخر روسيا القيصرية ما قبل الثورة الشيوعية في 1917 لذلك فقد أرّخ تلك الفترة ووصف الحياة بواقعية في قصصه حتى يكاد القاريء يشعر أنه يمشي فعلاً في تلك الشوارع ويسمع همس البيوت الباردة.
ما يميز تشيكوف ليس فقط كونه من رواد فن القصة القصيرة بل بسبب أسلوبه الفريد في التعبير والسرد ووصف الأماكن والناس والمواقف والحياة بعمومياتها وخصوصياتها, ويمكن لأي قاريء أن يستنتج بسهولة ما تنطوي عليه شخصية الكاتب من حساسية ونبل وتعاطف مع المهمشين والفقراء والضعفاء والمنسيين, إضافة إلى أنه كان يتمتع بدقة ملاحظة نادرة, فهو يصف البشر بشخصياتهم المتعددة بطريقة واقعية بشكل كبير يبعث على العجب حتى أن القاريء يجد في حياته شخصيات مشابهة جداً لتلك التي كتب عنها ذلك الأديب العبقري.
قصصه تدور حول محاور الحياة كلها, رآها بأحزانها وأفراحها وتناقضاتها, كما رآى البشر بمختلف أهوائهم وأطباعهم وشخصياتهم وأمراضهم الجسدية منها والنفسية, وكما يُرى من عناوين قصصه هو كاتب رسم الحياة لوحات من حروف وكلمات ليجعل من كل ما فيها ممتعاً للقراءة حتى مآسيها وآلامها, المتعة في أدب تشيكوف متغيرة ومتبدلة لكنها تدور دائماً في فلك إبداعه الخاص والمميز لدرجة أن بعض مصطلحات الأدب الحديث تنسب لأسلوبه مثل "الواقعية التشيكوفية", "بطل تشيكوفي", "عوالم تشيكوفية", فهو تارة يتحدث عن آلام الضعفاء والفقراء بطريقة تثير التعاطف الشديد لكن دون سوداوية, وتارة أخرى يتحدث عن المجتمعات الراقية فيصف سخفها وضحالة شخصياتها, وتارة أخرى يتحدث عن الريفيين وطباعهم والحياة في المقاطعات الريفية البعيدة, وضمن كل تلك الرؤية الشفافة للحياة توجد الحساسية والتعاطف والنبل والتهكم والسخرية والنقد والحب والمشاعر المرهفة وكل ما تشتمل عليه الحياة, و يبقى هو كأبطاله حقيقيين, خالدين, معقدين تعقيد الحياة نفسها, وأعماله كلها تتسم بذلك الحس الإنساني العميق الذي يتوق إلى الحب والحرية والعدل والسلام.


عدل سابقا من قبل NoOona في 23/9/2008, 6:33 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:31 pm

موت موظف
أنطون تشيخوف

ذات مساء رائع كان ايفان ديمتريفيتش تشرفياكوف، الموظف الذي لا يقل روعة، جالسا في الصف الثاني من مقاعد الصالة، يتطلع في المنظار إلى "أجراس كورنيفيل" . وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة. وفجأة.. وكثيراً ما تقابلنا "وفجأة" هذه في القصص. والكتّاب على حق، فما أحفل الحياة بالمفاجآت! وفجأة تقلص وجهه، وزاغ بصره، واحتبست أنفاسه.. وحول عينيه عن المنظار وانحنى و .. أتش !!! عطس كما ترون. والعطس ليس محظوراً على أحد في أي مكان. إذ يعطس الفلاحون، ورجال الشرطة، بل وحتى أحياناً المستشارون السريون. الجميع يعطس. ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج، ومسح أنفه بمنديله، وكشخص مهذب نظر حوله ليرى ما إذا كان قد أزعج أحدا بعطسه. وعلى الفور أحس بالحرج. فقد رأى العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويدمدم بشيء ما. وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية.
وقال تشرفياكوف لنفسه: "لقد بللته. إنه ليس رئيس، بل غريب، ومع ذلك فشيء محرج. ينبغي أن أعتذر".
وتنحنح تشرفياكوف ومال بجسده إلى الأمام وهمس في أذن الجنرال:
- عفواً يا صاحب السعادة، لقد بللتكم .. لم أقصد ..
- لا شيء ، لا شيء.
- استحلفكم بالله العفو. إنني.. لم أكن أريد!
- أوه، اسكت من فضلك! دعني أصغي!
وأحرج تشرفياكوف فابتسم ببلاهة، وراح ينظر إلى المسرح. كان ينظر ولكنه لم يعد يحس بالمتعة. لقد بدأ القلق يعذبه. وأثناء الاستراحة اقترب من بريزجالوف وتمشى قليلاً بجواره، وبعد أن تغلب على وجله دمدم:
- لقد بللتكم يا صاحب السعادة.. اعذروني.. انني لم اكن أقصد أن ..
فقال الجنرال:
- اوه كفاك!. أنا قد نسيت وأنت ما زلت تتحدث عن نفس الأمر!
وحرك شفته السفلى بنفاذ صبر.
وقال تشرفياكوف لنفسه وهو يتطلع إلى الجنرال بشك: "يقول نسيت بينما الخبث يطل من عينيه. ولا يريد أن يتحدث. ينبغي أن أوضح له أنني لم أكن أرغب على الإطلاق.. وإن هذا قانون الطبيعة، وإلا ظن أنني أردت أن أبصق عليه. فإذا لم يظن الآن فسيظن فيما بعد!.."
وعندما عاد تشرفياكوف إلى المنزل روى لزوجته ما بدر عنه من سوء تصرف. وخيل إليه أن زوجته نظرت إلى الأمر باستخفاف، فقد جزعت فقط، ولكنها اطمأنت عندما علمت أن بريزجالوف "غريب".
وقالت:
- ومع ذلك اذهب إليه واعتذر. وإلا ظن أنك لا تعرف كيف تتصرف في المجتمعات!
- تلك هي المسألة! لقد اعتذرت له، ولكنه.. كان غريباً.. لم يقل كلمة مفهومة واحدة. ثم أنه لم يكن هناك متسع للحديث.
وفي اليوم التالي ارتدى تشرفياكوف حلة جديدة، وقص شعره ، وذهب إلى بريزجالوف لتوضيح الأمر.. وعندما دخل غرفة استقبال الجنرال رأى هناك كثيراً من الزوار ورأى بينهم الجنرال نفسه الذي بدأ يستقبل الزوار. وبعد أن سأل عدة أشخاص رفع عينيه إلى تشرفياكوف. فراح الموظف يشرح له:
- بالأمس في "اركاديا" لو تذكرون يا صاحب السعادة عطست و.. بللتكم عن غير قصد.. اعذر..
- يا للتفاهات... الله يعلم ما هذا! – وتوجه الجنرال إلى الزائر التالي – ماذا تريدون؟
وفكر تشرفياكوف ووجهه يشحب: "لا يريد أن يتحدث. إذن فهو غاضب.. كلا، لا يمكن أن أدع الأمر هكذا.. سوف أشرح له.."
وبعد أن أنهى الجنرال حديثه مع آخر زائر واتجه إلى الغرفة الداخلية، خطا تشرفياكوف خلفه ودمدم:
- يا صاحب السعادة! إذا كنت اتجاسر على إزعاج سعادتكم فإنما من واقع الاحساس بالندم!. لم أكن أقصد، كما تعلمون سعادتكم!
فقال الجنرال وهو يختفي خلف الباب:
- انك تسخر يا سيدي الكريم!
وفكر تشرفياكوف: "أيه سخرية يمكن أن تكون؟ ليس هناك أية سخرية على الإطلاق! جنرال ومع ذلك لا يستطيع أن يفهم! إذا كان الأمر كذلك فلن أعتذر بعد لهذا المتغطرس. ليذهب إلى الشيطان! سأكتب له رسالة، ولكن لن آتي إليه. أقسم لن آتي!".
هكذا فكر تشرفياكوف وهو عائد إلى المنزل. ولكنه لم يكتب للجنرال رسالة. فقد فكر وفكر ولم يستطع أن يدبج الرسالة. واضطر في اليوم التالي إلى الذهاب بنفسه لشرح الأمر.
ودمدم عندما رفع إليه الجنرال عينين متسائلتين:
- جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت أعتذر لأني عطست فبللتكم.. ولكنه لم يدر بخاطري أبداً أن أسخر. وهل أجسر على السخرية؟ فلو رحنا نسخر، فلن يكون هناك احترام للشخصيات إذن..
وفجأة زأر الجنرال وقد أربد وارتعد:
- اخرج من هنا !!
فسأل تشرفياكوف هامساً وهو يذوب رعباً:
- ماذا ؟
فردد الجنرال ودق بقدمه:
- اخرج من هنا !!
وتمزق شيء ما في بطن تشرفياكوف. وتراجع إلى الباب وهو لا يرى ولا يسمع شيئاً، وخرج إلى الشارع وهو يجرجر ساقيه.. وعندما وصل آلياً إلى المنزل استلقى على الكنبة دون أن يخلع حلته.. ومات .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:34 pm

وهذه قصة أخرى لتشكيوف أرجو أن تعجبك. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


بطاقة اليانصيب
السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجدية التي ولجها.
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة "رجلي على رجلك" المعروفة بين الزوجات.
للكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛ عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:35 pm

لقد تمكنت من الحصول على عدد من القصص لتشيكوف وسأقوم بتنزيلها تباعاً, القصص ليست من ترجمتي ولم أقم بالتعديل عليها لذلك أعتذر عن أية اخطاء, وعلى أية حال هي قصص لتشيكوف العظيم,.

البدين والنحيف
في محطة سكة حديد نيقولاي التقى صاحبان أحدهما بدين والآخر نحيف، كان البدين قد تغذى لتوه في المحطة ولمعت شفتاه من الدهن كما تلمع ثمار الكرز الناضجة، وفاحت منه رائحة النبيذ والحلويات المعطرة .
أما النحيل فكان خارجا لتوه من عربة القطار محملا بالحقائب والصرر وعلب الكرتون . وفاحت منه رائحة لحم الخنزير والقهوة الرخيصة .. ولاحت من وراء ظهره امرأة نحيفة طويلة الذقن .. زوجته، وتلميذ طويل بعين مزورة .. ابنه .
وهتف البدين عندما رأى النحيف :
- بورفيري ! أهو أنت ؟ يا عزيز ! كم مر من أعوام لم أرك!
ودهش النحيف :
- يا سلام ! ميشا ! يا صديق الطفولة ! من أين جئت ؟
وتبادل الصاحبان القبلات ثلاثا، وحدق كل منهما في الآخر بعينين مغروقتين بالدموع . وكانا كلاهما في حالة من الذهول اللذيذ .
وقال النحيف بعد القبلات :
يا عزيزي ! لم أتوقع أبدا ! يالها من مفاجأة ! هلا نظرت إلي جيدا ! جميل كما كنت ! حبوب وغندور كما كنت ! آه يا إلهي ! كيف أحوالك ؟ أصبحت غنيا ؟ تزوجت ؟ أنا تزوجت كما ترى .. وهذه زوجتي، لويزا .. من عائلة فانسنباخ .. بروتستانتية .. أما هذا فابني، نفانائيل، تلميذ بالصف الثالث. يا نفانيا، هذا صديق طفولتي ! درسنا معا في المدرسة . فكر نفانائيل قليلا ثم نزع قبعته .
ومضي النحيف يقول :
- درسنا معا في المدرسة ! أتذكر كيف كانوا يغيظونك بلقب هيروستراتوس لأنك أحرقت بالسيجارة كتاب عهدة، وكانوا يغيظونني بلقب أفيالتوس لأنني كنت أحب النميمة؟ . ها ها .. كم كنا صغارا ! لا تخف يا نفانيا .. اقترب منه .. وهذه زوجتي، من عائلة فانسنباخ .. بروتستانتية.
وفكر نفانائيل قليلا، ثم اختبأ خلف ظهر أبيه .
وسأل البدين وهو ينظر بإعجاب إلى صديقه :
- كيف حالك يا صديقي ؟ أين تخدم ؟ وماذا بلغت في الخدمة ؟
فضحك النحيف ضحكة صفراء، وازداد انكماشا :
- العفو .. ماذا تقولون .. إن اهتمام سعادتكم الكريم .. هو كالبلسم الشافي .. هذا هو ابني نفانائيل يا صاحب السعادة .. وزوجتي لويزا بروتستانتية إلى درجة ما ..
- وأراد البدين أن يعارض بشيء ما، ولكن وجه النحيف كان يطفح بالتبجيل والتعبير المعسول والخنوع إلى درجة أثارت الغثيان في نفس المستشار السري، فأشاح بوجهه عن النحيف ومد له يده مودعا. وصافح النحيف ثلاث أصابع وانحني بجسده كله وضحك كالصيني : " هئ – هئ – هئ " . وابتسمت الزوجة ومسح نفانائيل الأرض بقدمه وسقطت منه القبعة .وكانوا ثلاثتهم في حالة من الذهول اللذيذ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:36 pm

هذه واحدة من أروع قصص تشيكوف سيد القصة القصيرة في العالم بلا منازع.

فانكا

في ليلة عيد الميلاد لم ينم الصبى فانكا جوكوف ابن الأعوام التسعة والذى اعطوه منذ ثلاثة أشهر للإسكافى ألياخين ليعمل صبيا لديه. وانتظر حتى انصرف أصحاب البيت والأسطوات إلى الصلاة فاخرج من صوان الاسكافي محبرة وقلما بسن صدىء، وفرش أمامه ورقة مجعدة وراح يكتب. وقبل أن يخط أول حرف نظر إلى الباب والنوافذ بحذر، وتطلع بطرف عينه إلى الأيقونة الداكنة التي امتدت عن جانبيها أرفف محملة بالنعال، وزفر زفيرا متقطعا. كانت الورقة مبسوطة على الأريكة، أما هو فقد جثا على ركبتيه أمامها. وكتب:
"جدي العزيز قسطنطين مكاريتش! أنا اكتب إليك خطابا. اهنئكم بعيد الميلاد وأرجو لك من الله كل الخير. أنا ليس لدى أب أو أم، ولم يبق لى غيرك وحدك".
وحول فانكا بصره إلى النافذة المظلمة التي عكست ضوء شمعته المتذبذب، وتخيل بوضوح جده فسطنطين ماريتش الذي يعمل حارسا ليليا لدى السادة آل جيفارف. هو عجوز صغير نحيل إلا أنه خفيف الحركة بصورة غير عادية، في حوالي الخامسة والستين، ذو وجه باسم دائما وعينين ثملتين.
كان نهارا ينام في مطبخ الخدم أو يثرثر مع الطاهيات، أما في الليل فيطوف حول بيت السادة متدثرا بمعطف فضفاض من جلد الحمل ويدق على صفيحة. ومن خلفه يسير مطأطأى الرأسين الكلبة العجوز "كاشتانكا" والكلب "فيون" الذي سمى هكذا للونه الأسود وجسده الطويل كالنمس.
كان هذا الـ "فيون" مهذبا ورقيقا بصورة غير عادية، وكان ينظر بنفس الدرجة من التأثر سواء لاصحابه أم للغرباء، ولكنه لم يكن يحظى بالثقة. كان يخفى تحت تهذيبه واستكانته خبثا غادرا إلى أقصى حد. فلم يكن هناك من هو أحسن منه في التلصص في الوقتالمناسب ليعض الساق، أو التسلل إلى المخزن، أو سرقة دجاجة من بيت فلاح. وقد حطموا له ساقيه الخلفيتين غير مرة، وعلقوه مرتين، وكانون يضربونه كل أسبوع حتى الموت، ولكنه كان يبعث من جديد.
وربما يقف الجد الآن أمام البوابة ويزر عينيه وهو يتطلب إلى نوافذ كنيسة القرية الساطعة الحمرة، ويثرثر مع الخدم وهو يدق الارض بحذائه اللباد. والصفيحة التي يدق عليها معلقة إلى خصره،. ويشيح بيديه ثم يتململ من البرد، ويضحك ضحكة عجوز ويقرص الخادم تارة والطاهية تارة أخرى.
ويقول وهو يقدم للفلاحات كيس تبغه:
- ألا ترغبن في استنشاق التبغ؟
وتستنشق الفلاحات ويعطسن، ويستولى على الجد إعجاب لا يوصف ويقهقه بمرح ويصيح:
- بقوة وإلا لصقت !
ويقمون التبغ للكلاب لتشمه. وتعطس "كاستانكا" وتلوى بوزها، وتبتعد مغضبة. أما طفيون" فلا يعطس تأدبا، بل يهز ذيله. والجو رائع. الهواء هادىء، وشفاف ومنعش. والليل حالك ومع ذلك تلوح القرية كلها بأسقف منازلها البيضاء وأعمدة الدخان المنبعثة من المداخن، والأشجار وقد كساها الثلج ثوبا فضيا، وأكوام الثلج. والسماء كلها مرصعة بنجوم تتراقص بمرح، ويبدو درب التبانة واضحا وكأنما غسلوه قبل العيد ودعكوه بالثلج .. وتنهد فانكا، وغمس الريشة في الحبر ومضى يكتب:
- "بالأمس ضربوني علقة، شدني المعلم من شعري إلى الحوش وضربني بقالب الأحذية لأني كنت أهز ابنه في المهد فنعست غصبا عنى. وفي هذا الأسبوع أمرتني المعلمة أن اقشر فسيخة، فبدأت اقشرها من ذيلها، فشدت منى الفسيخة وأخذت تحك رأسها في وجهي.
والأسطوات يسخرون منى ويرسلونني إلى الخمارة لشراء الفودكا ويأمرونني أن أسرق الخيار من بيت المعلم، والمعلم يضربنى بكل ما يقع في يده. وليس هناك أي طعام، في الصباح يعطوننى خبزا، وفي الغداء عصيدة، وفي المساء أيضاً خبزا، أما الشاي أو الحساء فالسادة وحدهم يشربونه ويأمرونني أن أنام في المدخل، وعندما يبكى ابنهم لا أنام أبدا وأهز المهند. يا جدى العزيز، أعمل معروفا لله وخذني من هنا إلى البيت في القرية. لم أعد احتمل أبدا ... أتوسل إليك وسوف أصلى لله دائما، خذني من هنا وإلا سأموت ..
وقلص فانكا شفتيه ومسح عينيه بقبضته السوداء واجهش.
ومضى يكتب: "سأطحن لك التبغ، وأصلى لله، وإذا بدر منى شىء اضربنى كما يضرب الكلب.
وإذا كنت تظن أنه ليس لي عمل فسأرجو الخولى بحق المسيح أن يأخذني ولو لتنظيف حذائه، أو أعمل راعيا بدلا من فيدكا. يا جدى العزيز، لم أعد احتمل ابدا، لا شىء سوى الموت. أردت أن أهرب إلى القرية ماشيا ولكن ليس لدى حذاء وأخشى الصقيع، وعندما أصبح كبيرا فسوف أطعمك مقابل هذا ولن أسمح لأحد أن يمسك، وإذا مت يا جدى فسأصلى من أجل روحك كما أصلي من أجل أمي بيلاجيا.
وموسكو مدينة كبيرة .. والبيوت كلها بيوت أكابر، والخيول كثيرة، وليس هناك غنم، والكلاب ليست شريرة. والأولاد في العيد لا يطوفون بالبيوت منشدين ولا يسمح لأحد بالذهاب للترتيل في الكنيسة. ومرة رأيت في أحد الدكاكين، في الشباك، صنانير تباع بخيوطها لصيد كل أنواع السمك، عظيمة جدا، بل وتوجد صنارة تتحمل قرموطا وزنه بوذ. ورأيت دكاكين فيها مختلف أنواع البنادق التي تشبه بنادق السادة، ويمكن الواحدة منها تساوي مائة روبل .. وفي دكاكين اللحوم يوجد دجاج الغابة وأرانب، ولكن الباعة لا يقولون أين يصطادونها.
يا جدى العزيز، عندما يقيم السادة شجرة عيد الميلاد خذ لي جوزة مذهبة وخبئها في الصندوق قل للآنسة أولجا اجناتيفنا إنها من أجل فانكا".
وتنهد فانكا وسمر عينيه في النافذة من جديد. وتذكر أن جده كان دائما يذهب للغابة لإحضار شجرة عيد الميلاد ويصحب معه حفيده. يا له من عهد سعيد! كان الجد يتنحنح والثلج يتنحنح وفانكا تتنحنح مثلهما. وكان يحدث أن الجد، قبل أن يقطع الشجرة، يجلس ليدخن الغليون، ويشم التبغ طويلا وهو يضحك من فانكا المقرور .
.. وشجيرات عيد الميلاد الشابة تقف ملفعة بالثلج وساكنة وهي تنتظر أيها التي ستموت؟ وفجأة يمرق أرنب كالسهم عبر أكوام الثلج .. ولا يستطيع الجد أن يمسك نفسه عن الصياح:
- امسك، امسك، امسك!
آه، يا شيطان يا ملعون، ثم يسحب الجد الشجرة المقطعوة إلى منزل السادة، حيث يشرعون في تزيينها .. وكانت الآنسة أولجا اجتاتيفنا التي بحبها فانكا، هي التي تشغله أكثر من الجميع، وعندما كانت أم فانكا بيلاجيا على قيد الحياة وتعمل خادما لدى السادة، كانت أولجا اجتناتيفنا تعطي لفانكا الحلوى، ولما لم يكن لديها ما تعمله فقد علمته القراءة والكتابة والعد حتى مائة، بل وحتى رقصة الكادريل، ولما ماتت بيلاجيا، ارسلوا فانكا اليتيم إلى جده في المطبخ مع الخدم، ومن المطبخ إلى موسكو عند الإسكافى ألياخين ...
ومضى فانكا يكتب: "احضر يا جدى العزيز، استحلفك بالمسيح الرب أن تأخذني من هنا. اشفق على أن اليتيم المسكين، لأن الجميع يضربونني، وأنا جوعان جدا، ولا استطيع أن أصف لك وحشتى، وأبكى طول الوقت.
ومن مدة ضربنى المعلم بالنعل على رأسى حتى وقعت ولم أفق إلا بالعافية. ما أضيع حياتى، اسوأ من حياة أى كلب ... تحياتى لاليونا ريجوركا الاحول، والحوذى، ولا تعط الهارمونيكا لأحد. حفيدك دائما ايفان جوكوف، احضر يا جدى العزيز".
وطوى فانكا الورقة المكتوبة اربع مرات ووضعها في مظروف كان قد اشتراه من قبل بكوبيك .. وفكر قليلا ثم غمس الريشة وكتب العنوان:
إلى قرية جدى
وحك رأسه وفكر، ثم أضاف: "قسطنطين مكاريتش". وارتدى غطاء الرأس وهو سعيد لأن أحدا لم يعطله عن الكتابة، ولم يضع المعطف على كتفيه، بل انطلق إلى الخارج بالقميص فقط ..
كان الباعة في دكان الجزار الذين سألهم من قبل قد أخبروه، أن الرسائل تلقى في صناديق البريد، ومن الصناديق تنقل إلى جميع انحاء الأرض على عربات بريد بحوذية سكارى وأجرس رنانة.
وركض فانكا إلى أول صندوق بريد صادفه، ودس الرسالة الغالية في فتحة الصندوق. وبعد ساعة كان يغط في نوم عميق وقد هدهدت الآمال الحلوة روحه .. وحلم بالفرن. كان جده جالسا على الفرن مدليا ساقيه العريانتين وهو يقرأ الرسالة للطاهيات .. وبجوار الفرن يسير "فيون" ويهز ذيله ....





1886
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
NoOona
نائب
نائب
NoOona


عدد الرسائل : 1744
العمر : 35
الجنسية : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Egypt10
وسام : تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) 1110
تاريخ التسجيل : 18/05/2008

تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )   تشيكوف ولوحات الحياة    (لمحبين الادب الروسي ) Icon_minitime23/9/2008, 6:37 pm

هذه قصة أخرى لتشيكوف.

قصاصة
عندما تقاعد المستشار "كوزيروجوف" من عمله ابتاع بيتا في الريف واستقر فيه، هناك – وتقليدا لأستاذ التاريخ الطبيعي ذائع الصيت كايجرودوف – راح يكدح في الأرض التي تتمثل في حديقة البيت.
حيث أدرك الموت عزيزنا كوزيروجوف صارت مذكراته وممتلكاته من نصيب مديرة منزله "مارفاييفلامميفنا"
وكما يعلم الكل فإن هذه المرأة العجوز الجديرة بكل تقدير سارعت بهدم البيت لتشيد على أنقاظه فندقا يقدم لعملائه المشروبات الروحية، وخصصت إلى جانب بار الفندق حجرة لملاك الأراضي وأصحاب الأعمال الذين يأتون في الغالب بحثا عن المتعة ..
كانت مذكرات كوزيروجوف على طاولة بتلك الحجرة وفي خدمة أي عميل يرغب في نزع ورقة من الدفتر ليقضي بها مصلحة
وبالمصادفة البحتة وقعت في يدي صفحة من المذكرات .. كانت تلك القصاصة تتحدث عن بعض الأنشطة التي مارسها الفقيد .. وإليكم بيانها :
3 مارس :
بدأت الهجرة الربيعية للطيور. بالأمس شاهدت العصافير .. مرحى يا صغار الجنوب ذوات الريش .. إنني من تغريدك العذب أتخيل أنني أسمع من يقول لي : - كن سعيدا يا صاحب الفخامة!
14مارس :
سألت مارفا اليوم :
- لماذا لا يكف الطاهي عن الصياح والنرفزة؟!
أجابتني : إنه يعاني من حنجرته .. قلت معارضا : إنني أعاني من حنجرتي بيد أنني لا أصرخ ..!
آه، لكم تخفى الطبيعة من أسرار!
لقد تناولت – إبان خدمتي في مدينة سان بطرسبرج – لحم الرومي بإسراف، لكنني لم أشاهد ذلك الديك الرومي إلا بالأمس .. إنه طائر مميز للغاية ..
22 مارس :
ناداني ضابط شرطة المنطقة وتناقشنا في الفضيلة.كنت جالسا وهو واقف. سألني :
- ألا ترغب يا صاحب الفخامة أن تعود شابا؟!
- مستحيل أن أفعل، فلو بدأت من جديد لما استطعت الوصول إلى مكانتي الرفيعة الحالية
فغمز لي بعينه وانصرف دون تعقيب!
16إبريل :
بيدي حفرت حوضين في حديقة البيت وزرعت الحنطة. لم أبح بالسر لمخلوق لأفاجيء مارفا التي أدين لها بالسعادة في شطر كبير من حياتي. بالأمس ونحن نشرب الشاي جأرت مارفا بالشكوى من بدانتها المفرطة التي تحول دون ولوجها من باب المخزن. قلت لها :
- على العكس يا عزيزتي فإن حجمك البديع يضفي عليك جاذبية لا يمكنني أن أقاومها. احمر وجهها فنهضت أطوقها بكلتا زراعي إذ لا تكفي لذلك ذراع واحدة!
28 مايو : شاهدني رجل معمر جالسا قريباً من الحمامات المخصصة للسيدات على ضفة النهر فسألني عن السبب فأجبته :
إنني هنا لأمنع الشباب من التطفل والتسكع ..
قال في لاتو :
- فلتكن هذه مهمتنا معا!
وجلس إلى جانبي وبدأن نتحدث عن الفضيلة!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تشيكوف ولوحات الحياة (لمحبين الادب الروسي )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم المنوع :: الكتب الإلكترونية-
انتقل الى: